مقالات وكتابات


الأربعاء - 19 ديسمبر 2018 - الساعة 01:56 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب



نتابع باهتمام الكثير من التحليلات التي تلت الإعلان عن نتائج لقاء السويد بين الشرعية والانقلابيين الحوثة، ومع تحفظاتنا على
تشكيلة وفد المفاوضات لطرف الشرعية واستبعاد الحراك الجنوبي، الممثل بالمناضل علي هيثم الغريب، من تشكيلة الفريق، فإننا نرى أن النتائج المعلنة تشكل مدخلاً لمرحلة جديدة إيجابية إذا صدقت الأطراف في تنفيذها، وإذا قامت الأمم المتحدة بدورها الإيجابي المحايد في هذا الاتجاه.

لن أغوص في ما حملته فقرات الاتفاق، لأنه واضح ولا يحتاج الى شرح بقدر ما يحتاج إلى قراءة، تدعمها خلفية معرفية في الجوانب الاقتصادية والسياسية والإجتماعية، وإلمام ولو بسيط لمتغيرات التحالفات الدولية وتوجهات القوى المهيمنة على العالم اليوم.

هناك أطروحات موضوعية يضعها البعض حول الحدث، وهي قراءات تستحق التوقف عندها مهما اختلفنا مع أصحابها، وهناك أطروحات لا علاقة لها بالسياسة ولا التحليل، ولكنها عبارة عن حالات تنفيس لا اقل ولا أكثر، وهذه النوعية من القراءة للأسف محصورة في شريحة واسعة قوامها جنوبي.

فالجنوب الذي تشرذمت قواه مع إشراقة موسم حصاد تضحيات ثورته، بات من ملفات المراحل القادمة لمساعي المجتمع الدولي، وهذا لا يعود فقط لعداوة شرعية أو حوثية ضد الملف الجنوبي، كما يحاول البعض الجنوبي مخطئاً إشاعته، ولكنه يعود بدرجة رئيسية إلى فشل أبناء الجنوب في خلق تقارب إيجابي بينهم، يفرضهم كطرف فاعل، وتشتتهم إلى مكونات لخدمة أهداف دول الإقليم في المقام الأول، في مساومة أقل ما يطلق عليها أنها مراهنة العاجز على تنبؤات العراف او ضارب الودع!

ففي اللحظة التي تطلبت فيها كل ظروف الواقع ضرورة التلاحم، تاه هذا الجنوب على أيدي أسرى أحلام وَهْم السلطة من أبنائه، وأصبح هذا الجنوب المنحوس كالراقص على السلم، فلا أنه اتخذ موقفاً موحداً داعماً للشرعية يفضي إلى استعادة الحق الجنوبي، ولا أنه اتخذ موقفاً موحداً داعماً للإنقلابي الحوثي، يفضي كذلك إلى استعادة الحق الجنوبي، ولا أنه قدر يلملم شتات فصائله المتصارعة على سلطة في علم الغيب، وأعلن موقفاً مستقلاً ثالثاً على الساحة ويفرض نفسه وقضيته على المجتمع الدولي كغيره من الأطراف؟

اليوم أغلب القراءات الجنوبية تبتعد عن واقعية وموضوعية القراءة لما حدث في السويد، وتأثيراته الحاضرة والمستقبلية على الجنوب وإمكانية البناء عليها اليوم وغداً لخدمة قضية هذا الجنوب، وتذهب كالعادة باتجاه التنفيس والترويح عن الذات.

ما حدث في السويد حالة تسليم بالواقع ساهم فيها الجميع من دون استثناء، بوعي وبغير وعي، وأعتقد أن اليمن ومعه قضية الجنوب فيها قد دخلت مرحلة جديدة، وإذا لم يتصدر مشهدها ساسة يجيدون إدارة الصراعات ولديهم الذخيرة الكافية لمواجهة قادم المتغيرات، من دراية سياسية بما يجتاح العالم من متغيرات وبما تحمله أجندة دول الإقليم التي تحملت عبء التدخل في اليمن وأصبحت تشكل جزءً من أزمته، فإن تلك القضية ستكون بمثابة الجراب الذي يُلقى فيه بكل حالات الفشل القادمة، وستكون الذبيح الذي ستفُتدى به الأطراف المتحاورة !

 

وللأمانة التاريخية، ومع كل الأخطاء التي ارتكبتها الشرعية وآخرها تشكيلة الوفد المفاوض في السويد، إلا أن تلك الشرعية ليست مُلامة على كل النتائج التي آلت إليها المحادثات منذ جنيف 1 وحتى ستوكهولم، فتلك الشرعية لم تكن تخوض معركة واحدة ضد عدو واحد، بل كانت وما زالت تخوض معاركاً عدة ضد أطراف عدة؛ فهناك معركة ضد الإنقلاب الحوثي، ومعركة ضد أطماع الأشقاء في التحالف التي كانت في صعود وهبوط منذ انطلاقة الرصاصة الأولى للتدخل، ومعركة ضد مجاميع أساءت توقيت طرح قضاياها الفرعية ووضعت تلك القضايا قبل قضية الوطن بمسافات شاسعة، ومعركة ضد أحزاب في إطار تلك الشرعية تقود معارك خاصة بها للانقضاض على تلك الشرعية وتطويعها لخدمة أهدافها، ومعركة ضد جيش الفساد الذي ينخر في جسد هذه الشرعية، والذي أوجدته حالة الحرب وعدم الاستقرار!

 

عبدالكريم سالم السعدي