مقالات وكتابات


السبت - 15 ديسمبر 2018 - الساعة 03:44 ص

كُتب بواسطة : سالم الفراص - ارشيف الكاتب



أما وقد بلغت الحوادث المرورية حداً اصبحت فيه حياة الناس قابلة للانتهاء والتوقف في كل وقت ومكان.
إما في حادث صدام أو دهس أو تصفية حساب، مخلفاً وراءه ألف حيرة وسؤال في وجه أب فقد ابنه، أو في صورة أم سقطت فجأة من هول الصدمة، أو في عيون أطفال أو زوجة وجدوا أنفسهم فجأة نهباً للفجيعة والانكسار عندما لا يجدون امامهم غير خيار يتسلمون فيه جثة الابن أو الأب أو الزوج او القريب ليقوموا بواجب الدفن واستقبال العزاء والمصادقة على بدء مشوار كله ضياع ودوام احتراق.
مشوار ترتد فيه الاسئلة، مجردة عارية من أي جواب:
ـ من القاتل؟!
ـ من المعتدي؟!
ـ من قام بالتعدي والاغتصاب؟!
ـ من.. ومن.. ومن؟!
لا جواب غير جماعة ملثمة، أو سيارة بلا أرقام والبحث جارٍ والأيام تجري والسؤال يبقى هو السؤال غصة تُدمي العين وتنخر في الفؤاد.
أُعيد وأقول، أما وقد بلغت فيه الحوادث المرورية تحديداً هذا الحد من صناعة القتل والتنكيل والعذاب والاستفزاز.
فإن استمرار اقتصار إلقاء اللائمة على وقوع هذه الحوادث وحدها لن يزيدها إلاَّ عتواً واستفحالاً.
وذلك لأنها انما تستقيم على أسباب وفيرة تقف وراءها وتمدها بها أطراف عديدة يجب أن لا تبقى في الظل، ولا بد من تحديدها والإشارة إليها بالاسم والصفة.. كجهات تسهم بالتساهل أو الاهمال أو التعمد في الوقوف وتغذية ودعم ، بقاء أسباب انتعاش وتسهيل حدوث مثل هذه الحوادث والتشجيع على ارتكابها.
ولعل أولها وفي مقدمتها استمرار التغاضي عن تكاثر عدد المركبات من كل نوع وشكل، والسماح لها بالتحرك والانتقال بكل حرية في الطرق والأحياء والأسواق بدون لوحات أو أرقام مرور أو لوحات للسيارات العسكرية من أطقم ومركبات تدل على الجهة التي تتبعها.
وهي ظاهرة كانت قد فرضتها وشجعت على ظهورها حالة الفوضى التي احدثتها الحرب المعلنة على المدن اليمنية من قبل المليشيات الحوثية ومنها محافظة عدن، لتبقى وتتوسع هذه الظاهرة لسنوات بعد خروجهم منها. بل ومازالت رغم تعاقب الحكومات، ورغم عودة الكثير من المؤسسات المعنية بالعمل، وبعد إعادة تشكيل وتسليح الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها.
والتي بدلا من ممارسة حظورها ذهبت وراء الاعلان عن غيابها. ، لا بل وفي تصدر قائمة عدم الالتزام بالتقيد بالنظم والقوانين فيما يخص استمرار تسيير المركبات الخاصة بها بدون لوحات تحمل أرقاماً وتحدد الجهة التي تتبعها.
وهكذا فإن بقاء وشيوع هذه الأسباب الداعمة وعدم التقيد بالقوانين وفرضها، لم يكن محط جذب وتشجيع وإغراء لكل من أراد ان يمارس هذه الأفعال المخلة بالأمن والمستهزئة بحياة المواطن وحسب، وإنما عامل من عوامل افلات الكثيرين من العقاب عن أي جرم يرتكبونه أكان عن قصد وسابق إصرار ، او عن إهمال أو أخطاء قد يقعون فيها موسعين بذلك دائرة الأسئلة الموجعة الممنوعة من الأجوبة:
من القاتل، من الفاعل، من.. ومن.. ومن؟!!