الجمعة - 09 نوفمبر 2018 - الساعة 09:44 م
من يتابع طبيـــعة الصـــراع العربي مع الغرب بحضارته الفكرية والعلمية يجد نفسه في حيرة من هول ما مضى حول طبيعة تلك الصراعات المضللة بالفكر تارة وبالقوة تارة أخرى. ..
والمؤسف هو طبيعة التفكير الذي سيطر على عقولنا كعرب ضد الغرب وحضارته باعتباره عدوا لدودا ما دامت الحياة لنا معهم على هذا الكوكب.
وكأن لا سبيل لتغيير نمط التفكير من زوايا أخرى، بل لا مجـالَ للتفكير بحقيقة أن ّهؤلاء *هم بشر مثلنا* ومن حقهم العيش معنا، بل أكثر مِن ذلك أبينا أن نفهم أنهم أكثر مِنا عدة وعتاد، فهم أصحاب علم واقتصاد وأصحاب فلسفة وحضارة وأصحاب تطـور علمي وتكنولوجي، ورواد فكر وسـلام. ..
نحن كعرب لم نعِ حتى اليوم أنه مِن حقهم العيش مَعنا على هذا الكـوكب، ولأتوا إلينا لحـل بعض خلافاتنا معهم أو فيما بيننا بدلا مِن الذهاب إليهم وتحكيمهم لحل معضلاتنا المختلفة.
لا والمصيبة أننا ننفكر في يوم من الأيام بأننا سنبتلـعهم بالقوة "بغمضة عين" هكذا تقودنا أفكارنا الباطنية الطائشة، ونحن ندرك حقيقة كثرتهم والقوة التي تحت يدهم، هذه القوة التي لو ملكناها لأسأنا استخدامها ضدهم مثلما أسأنا استخدام القليل منها ضد بعضنا بعض، لا أن نؤمن بها منشآتنا وأمن مؤسساتنا وأرضنا. ..
أهل الشرق والغرب تطوروا وبنوا بلدانهم بأحدث الوسائل يا عرب ونحن (عباس يشحذ سيفه العربي، إلى متى يا عباس تشحذ سيفك.؟! إلى وقت الشدة)، تمتع الغرب برخائه واستعان بعقله وفكره وعلمه على ذلك كله؛ وعباس هو ذلك العقل العربي السليطي القديم، الذي لا يؤمن إلا بالشدة ولغة العنف والقوة مع ذاته ومَن حوله - أمه وأبيه، زوجته وأخيه، حاشيته وبنيه. في بيته ومسجده، في عمله ومتجره وفي حله وترحاله لا يؤمن إلا بلغة العنف والقوة.
ياعـالَم نحـن على مشارف القرن الـ(21) والشرق والغرب يسايرنا ويغازلنا بحسب عقليات متحجرة لا تقبل التفكير لا بحـق السلام معهم ولا بحق العيش معاً على ظهر كوكب واحد بل سفينة واحدة نحن فيها سواء، إلى ما الله لنا، وأبينا إلا أن نفكر بكيف أن نغرقهم لا بكيفية العيش معهم حتى تأتي الساعة بقدرة الله علينا جميعا. ..
والأدهى والأمر أننا ندّعِي الأمن السلام ونحترم العدل والإنسان، ونحن في الأصل وحقيقة الأمر أبعد عن هذا كله فيما بيننا - فكيف بنا نطبقه في غيرنا. ..
إذا كنا في عنف وقتل ودمار، ولا نراعي حرمة الأرواح التي تسقط بأيدي بعضنا بعض وفيما بيننا حرب سجال، فلا نراعي حرمة أخ مسلم فكيف بنا نراعي حرمة دم أجنبي أراد العيش معنا وداعبنا بالسلام.؟!!
وإن استعان الغربُ بعقله فلنا عقولنا التي نستعين بها بما يضمن الرخاء لنا ويحقق السلام فيما بيننا وبينهم.
شعوب الأرض قبلوا بعضَنا بالتعايش معهم على أرضهم بشكل أو بآخر هناك وراء المحيطات والبحـار، ومرت القرون ونحن العرب كما نحن أبينا لا بالتعايش معهم ولا بالتطـور مثلهم ولا باحترام الأنظمة والقوانين فيما بيننا بحيث تضمن لنا سلامتنا وتفعـِّل كلّ ما وصلوا إليه مِن أمن وتطور وسلام ورخاء معيشة واحترام لكل النظم واللوائح والدساتير، التي تحفظ الإنسان وتحترم كرامته وحريته. ..
قد يتعلّل بعضُنا بالغرب ويقول بأنهم وراء ما نحن فيه مِن تعب وعناء أو مشقة وغباء. وهم مُحقــّون في قولهم ونمط تفكيرهم.
لكن واقعنا العربي وحالنا السياسي والفكري والفلسفي يقول خـلاف ذلك كله، وعلينا أن نرتقي، ولن نكون على درجة مِن الرقي العقلي والفكري إلا إذا استشعر كلُّ فردِِ منا مسؤوليته واستشعرت شعوبنا وحكوماتنا ذلك التوازن الإنساني والتكامل البيئي والمعرفي فيما بين شعوب هذا الكوكب مع احتفاظ كل أمة بهويتها وثوابتها التاريخية ونحوها من لغة ومعتقد أو عادات وتقاليد.
وإلى أن نحقق ذلك التوازن علينا أولا أن نؤمن بفاعلية الأنظمة ومؤسسات الدولة ونفعل قوانينها بإذكاء عقولنا لا بغبائها لاستغباء شعوبنا نحو المجهول، وإلقاء التهم فيما يضرنا وتبادلها فيما لا يجدينا نفعا.
بقلم: أ/ صالح ع ح القطوي
------------------------------------------------