مقالات وكتابات


الجمعة - 09 نوفمبر 2018 - الساعة 08:54 م

كُتب بواسطة : علي عسكر - ارشيف الكاتب



أصبحت ظاهرة الثأر تؤرق حياة الكثيرين ممن ذاقوا مرارة الخوف والترقب وعانوا بسببها الكثير من القلق والتوجس من كل شيء!!
كيف لا والشخص الذي عليه ثأر أصبح في حكم الميت وفاقد لذة الحياة لا ينعم بالنوم الهادئ أو بالحياة المستقرة وقبل ذلك فاقد الأمن والأمان!!
الثأر ظاهرة خطيرة جدآ وعواقبها دائمآ كارثية ليس على حياة الفرد فقط بل على المجتمع برمته!!

الثأر جريمة لا يغرها دين أو شرع..الثأر هو أن يتخلى اﻷنسان عن كل الأعراف والقيم النبيلة التي يتميز بها البشر عن سائر المخلوقات اﻵخرى!!
الثأر هي تلك اللحظة الفارقة التي يفقد فيها اﻹنسان لغة العقل والمنطق ..هي لحظة يتجرد فيها القاتل من كل المعاني السامية!!
أطفال في عمر الزهور فقدوا أبائهم وأضحوا بين عشية وضحاها إيتام لتختنق بعد ذلك كلمة بابا في حناجرهم الصغيرة ..فلقد رحل من يأنس وحشتهم ومن يوفر لهم السكينة واﻵمان!!

بفعل الثأر كم من نساء أصبحن أرامل والبعض منهن في عز الشباب البسهن الثأر الرداء اﻷسود المشؤوم فحياتهن القادمة أضحت سوداء كسواد الليل الدامس ولم يذقن بعد الحياة الزوجية السعيدة!!
اﻷمهات الثكالى وصراخهن العالي يدمي القلوب على فقدان فلذات أكبادهن ونياحهن الحزين يسمعه كل من به صمم!!

إذا تسألنا عن اﻷسباب والدوافع التي تجعل الشخص يرتكب جريمة القتل سنجد الكثير منها
لا تستدعي القيام بذلك الفعل المحرم شرعآ
( أن تهدم الكعبة حجرآ حجر أهون عند الله من إهدار دم امرئ مسلم)
أين نحن من هذا؟!

أرواح بريئة تزهق كل يوم وعشرات من اﻷسر نزحت من ديارها خوفآ من أن تطالهم رصاصات الثأر العمياء التي
ماتزال تحصد اﻷنفس دون توقف!!
متى على الجميع العودة إلى جادة الحق والصواب؟!
أين العقلاء من تفشي ظاهرة الثأر في المجتمع؟! ..ماذا ينتظرون ..ألم يشاهدون كيف فعل الثأر بمن ساقهم القدر إلى الدخول في دوامته اللامتناهية!!
اليس الثأر من أكل اﻷخضر واليابس؟! ألم نشاهد كيف وصل الحال بتلك اﻷراضي الزراعية التي أهملت بفعل الثأر!! وكيف باتت جرداء بعد ان كانت مروجآ خضراء تسر الناظرين!!
وكيف أصبحت المنازل اطلاﻵ بعد إن كانت عامرة بساكنيها!!
ليس لهم ذنب في ذلك سوى غياب العقل في لحظة غضب او طيش فكثير من قضايا الثأر كان يمكن إحتوائها في المهد قبل ان تصل إلى سفك الدماء الزكية!!
لقد أصبحت حياة الأنسان في اليمن رخيصة جدآ والقتل بدم بارد سمة بارزة في هذه اﻷيام فغياب الوازع الديني وأنتشار السلاح بيد الشباب المتهور طغى على روح التسامح والمحبة ولغة القوة بدﻵ عن العقل والحكمة!!
يجب علينا تدارك تلك الظاهرة المقيته وتغيير ثقافة العنف ونبذ العقليات المتحجرة التي لا تعترف بغير اﻷخذ بالثأر من سبيل!!
هذا لا يعني أن نترك القاتل ينفذ بفعلته ولكن يجب إتباع الأطر القانونية فالقتل محرم مهما كانت الاسباب والقضاء على ظاهرة الثأر مهمة الجميع من خلال تكاتفنا والوقوف بحزم والعمل على توعية المجتمع من مخاطر الثأر.
كما لا ننسى أن الدولة تتحمل الوزر الأكبر في تفشي هذه الظاهرة بسبب التهاون واللامبالة من اﻷمن بمثل تلك الجرائم والتخلي عن واجبها بمتابعة الجناة ليحل محلها أهل القتيل من خلال قيامهم بأخذ الثأر وهكذا تبدأ دوامة من القتل!!
على الدولة بسط نفوذها بالقوة وتفعيل دور مراكز الشرطة والنيابة والمحاكم لينال المتهم جزاءه العادل بالطرق الرسمية والقانونية وبذلك يمكننا الحد من ظاهرة الثأر!!