مقالات وكتابات


الجمعة - 09 نوفمبر 2018 - الساعة 06:50 م

كُتب بواسطة : صالح علي الدويل باراس - ارشيف الكاتب


عدا خيار الاستقلال والتحرر من الاحتلال اليمني ، فإن على هذا الجيل الجنوبي مسؤوليات ، إما إن يتحملها بجد في هذه الظروف السيئة بكل المقاييس، أو أن يكون جزءا من تنفيذها، فكلنا يشهد حرب مخدرات من أردأ الأنواع وأكثرها تدميرا ، ونعلم أن القات ليس مجرد "ولعه" بل سلاح حرب يذكرنا بحرب الأفيون ضد الصين ، وكيف فرضته بريطانيا وفرنسا عنوة عليها تجارة وإدمانا، والقات في الجنوب بالنسبة لمشاريع صنعاء غزو كالأفيون ، أوصله احتلالهم بالقوة إلى أماكن في الجنوب كانت مجتمعاتها ترفضه ، وإلى جانب مشروع "الولعة"، مشروع آخر يريد الجنوب مجرد أرقام في منظمات الإغاثة ، يتسول بنا وينهب بخيبتنا وهواننا على أنفسنا.



طبعا لكل من المشروعين نخب مثقفة مدافعة غير أمينة ، ونخب شعوبية تردد كالببغاء ما يقال لها موالعة "أدمنوا" الكيفيين.



الإدمان آفة لا تمر على عقل المدمن ليناقشها ويفند مضارها ؛ بل ؛ تنشأ عن دخول مخدر يظل الجسم يطلبه مهما كانت آثاره مدمرة ، وللعالم تجارب في لمواجهة ومعالجة الإدمان منها قوانين وقوات محاربة المخدرات ، ووصل في بعض البلدان لحصر المهربين والمروجين والمتعاطين ، وتأسيس مشافي لمعالجة هذه الآفة ، وهناك ارتباط بين المنشطات والمخدرات في الإدمان .



الشعوب لا تغيرها الوثائق الإنشائية ، بل الشراكات العملية المجتمعية ، وللمجتمع المدني ومؤسساته دور أساسي في التثقيف وفي خلق شراكة مجتمعية أو التوسط فيها ، هذا الدور يكمل أو يحل محل الدولة عندما تنسحب لأي سبب من الأسباب أما بسبب الحروب أو القلاقل الداخلية او لأسباب انهيار اقتصادي ، وتفكك مؤسساتها جراء الفساد وغيره من المسببات التي تصيب الدول الهشة والفاشلة .

والدولة الآن منسحبة من كثير من الخدمات والوظائف المناطحة بها أما عقابا أو عدم قدرة، ولن يظل الجوار مسئولا عن خدماتنا ونلزمه بتوفير "الكيف" ، فلابد أن يتحرك المجتمع وينتج شراكات حتى يتجاوز الأزمة ، وهذه مسؤولية يجب أن يساهم فيها الكل وبالذات القطاع الخاص ، فهو قطاع ينمو من استثمار المجتمع فيه ، ما يفرض عليه مسؤوليات توجب أن يشارك في قضايا المجتمع وخدماته.



الإدمان يختلف عن الآثار المجتمعية للإدمان ، فالإدمان مئات أو آلاف الأفراد مقدور عليهم حتى بالعقوبات التعزيرية، لكن آثاره متشعبة ومدمرة على الأسرة والمجتمع والسوق وانتشار الجريمة ، وأثاره على التربية الأسرية والمدرسية ، والصحة ، وخلق التطرف وانحراف الأسر والنشء ومضار سيادة الأسر المفككة ..الخ ، آثار أشد خطرا عندما لا يكون سببها الفقر ؛ بل ؛ الإدمان، ففرق بين الفقر ، وفقر الإدمان ، فالأول منسجم مع مجتمعه والثاني عدواني مدمر معه.



منظمات العمل المدني الحديثة متعددة ولها مجالات وتخصصات متعددة وارتباط بمنظمات ذات تخصص إقليميا ودوليا يمكن أن تلعب دور في تبادل الخبرات والتجارب ، وأيضا في تحديد مجالات الشراكة والتمويل ، لكن هناك مؤسسات تقليدية تمثل مؤسسات مجتمع مدني بالمفهوم التقليدي للمدينة العربية منها القبيلة ، ودور المشيخة والعشيرة ، وكذا الدور العبادية كالمسجد وزاوية ورباط العلم . .الخ من الهيئات التي تعمل في المجتمع وإرشاده وصلاح اعوجاجه، وهي مؤسسات يمكن أن تصل إلى مشاركة مجتمعية لتنفيذ خطة متفق عليها لمحاربة الإدمان فهو عدو يفتك بنا أكثر من أي حرب.

في تجربة الصين والأفيون، قامت بريطانيا وفرنسا بحربين على الصين فرضتا فيهما الأفيون تجارة وتعاطي على شعب الصين !!!



أما نحن فسنجد كل دعم من دول التحالف العربي، لأن محاربة الإدمان تهمها وتشكل حزاما لمنع وصول المخدرات إلى مجتمعاتها.



هذه الآفة هي أم الآفات ، ومن أراد أن يعرف أضرار "الكيف" وتأثيره المانع في بناء الأمم ومنع وإعاقة التنمية ، فكيف كانت الصين وإدمان الأفيون ، كانت شعبا مدمنا خاملا تنتشر فيه الجريمة والسرقة ويعشش الفساد في كل نواحي حياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الخ ، ولما جعلوا محاربة الإدمان والكيف المهمة الأولى قبل ثورتهم الوطنية أنجزوا الثورة ثم أنجزوا مداميك دولتهم ونهضتهم.



" الحكمة ضآلة المؤمن "



9/ نوفمبر/2018م.

صالح علي الدويل.