مقالات وكتابات


الثلاثاء - 16 أكتوبر 2018 - الساعة 08:12 م

كُتب بواسطة : احمد ناصر حميدان - ارشيف الكاتب


عــدن .. منبراً تنويرياً ومركزاً إشعاعياً للعلم والثقافة , عدن فسيفساء جميلة من الوان الطيف السياسي والفكري , هي نقطة وصل بالعالم , تلتقي فيها الثقافات والاعراق.

عدن السباقة بكل جديد وتجديد , السباقة في التعليم والمعرفة والثقافة والفن والفلكلور والابداع , افتتحت فيها اول مدرسة عام 1858م , ودرس في عدن سلاطين وامراء الخليج ومنهم السلطان قابوس ,ما يؤكد ان عدن مصدر اشعاع وتنوير علمي وثقافي للجزيرة واليمن.

بعد الاستقلال تجند ابناء عدن وانتشروا في الصحاري والبراري والجبال والجزر للتدريس وتنوير عقول الريف اليمني ومحوا الامية, متجاوزين حقوقهم الخاصة للواجب الوطني والانساني, في مناطق نائية ومناطق للبدوا والرحل , ومناطق تفتقر لأبسط وسائل العيش في بيئة قاسية وصعبة, برواتب رمزية كخدمة وطنية.

اليوم في عدن المدارس مغلقة , بأضراب عام للمعلمين , تجاوز الحق الخاص ليمس الحق العام والضرر الجسيم بعدن , وهنا يسقط الحق الخاص ان أضر بالحق العام والصالح العام.

الاضراب هو الوسيلة الاخيرة التي يلجئ لها النقابيين بعد استنفاذهم كل الوسائل الادنى من التعبير عن حقوقهم المغتصبة , وسيلة لها فترتها المحددة , مالم تحقق نتيجة تتحول لأداة تدمير وخراب , ويعلن عن فشلها , والفشل معناه ايقاف الاضراب , حفاظا على الحق العام والصالح العام , للبحث عن وسائل اقل ضررا للتعبير.

من غير المعقول ان تطالب بإصلاح وضع المعلم لإصلاح واقع التعليم باعتباره حجر الزاوية في العملية , وتهد العملية بكاملها , فلا تطول بلح الشام ولا عنب اليمن.

اليوم عدن مخنوقة , في انهيار العملة والفساد والعنف والعبث , ومن اولويات النضال اليوم هو اصلاح مؤسسات الدولة , ودعم المخاض الثوري ليؤتي اوكله في الدولة الضامنة للمواطنة والحقوق , ولا يمكن ان يحقق هذا الهدف العام دون تنازلات عن اهداف خاصة صغيرة , يؤجل البحث فيها حتى نصل للدولة التي ننشد ونستطيع مخاطبتها ونحقق ما نصبو اليه.

هذا النضال يحتاج وعي , والوعي يحتاج تعليم وتربية , والمدرسة اليوم هي الوسيلة لتنوير وتوعية الناس وارشاد وتحصين الجيل من عبث الواقع الاسي.

نحن اليوم امام تحديات كبيرة في مواجهة الترويج للمخدرات , والعنف والعنف المضاد , والإرهاب الفكري والنفسي , ومواجهة ثقافات دخيلة كالكراهية والمناطقية والطائفية والحرب النفسية والمعيشية على الناس , ومنهم الاطفال والشباب ,الذين هم اكثر الضحايا اليوم , ويفتقرون للمتنفسات , والمدرسة اليوم هي متنفسهم الوحيد والضروري القادر على حمايتهم وصونهم , اغلاقها كارثة لهم.

افتحوا المدارس , افتحوا منابر العلم والثقافة , لتنير العقول , وتحد من التجهيل والامية , المؤامرة كبيرة والتحديات اكبر تحتاج منا صبر وحنكة في التعامل مع الامور , دون تهور وطيش ينزلق بنا لما لا يحمد عقباه , حيث لا ينفع الندم.