مقالات وكتابات


السبت - 18 أغسطس 2018 - الساعة 01:03 م

كُتب بواسطة : احمد ناصر حميدان - ارشيف الكاتب


حدث بالطبع أن عدن سئمت واقعها البائس , وسئم أهلها فجائع الموت اليومي الحاصد لأخيارها , سئم إراقة الدماء و إزهاق الأرواح والانتهاكات لإنسانية التي تكاد تكون يومية , والمؤسف ان كل ذلك يحدث بأريحية و في وضح النهار وعلى قارعة الطريق العام , سئمنا كل تلك الضوضاء وكل ذلك الغباء ,للثكنات العسكرية , والأطقم والحراسات الشخصية , ومواكب القادة المعكرة لصفو الطريق, سئمنا لوحات الإعلانات والمجد للصنم الهمام , وعلى الواقع هشاشة وانفلات وفساد وتفسخ , سئمنا مواكب القبائل المسلحة لتقتص من عدن روحها الأخاذ , سئمنا الثكنات العسكرية والرعب يسير في جنبات مدينتنا المعطاة .



ثلاثة أيام والمدينة عدن حزينة على خطف معتز ماجد الطفل ذات الثلاثة أعوام من عمره , ثلاثة أيام وكل بيت فيها يصلي ويدعو عودته سالما لوالديه , ولاشي في عدن يخطف ويعود سالما هذه الأيام اللعينة , وجد مقتولا خبر نزل كالصاعقة على المدينة في جريمة هزت أركانها , في كل بيت في عدن حزن على معتز ماجد , طفل بريء يشبهها براءة , لا يعرف من الحياة غير البسمة , والتسلية , واللعب في الأرجوحة , طفل يملئ كل بيت في عدن حنان وحب وعطف , وأطفال عدن متشابهون , لكن قدرنا في هذه المدينة , التي تعبث بها خفافيش الظلام , وأيادي الموت التي تنزع البسمة من شفاء الأهالي , وهي تستخدم الموت كوسيلة ضغط سياسية قذرة , أو لعبة لأهداف لعينة .



في عدن الكل مهدد حتى الدولة بشخصيتها الاعتبارية , رجل مرور , في تقاطع مزدحم بالسيارات والمارة أمام القعيطي للصرافة في المنصورة عدن , يهاجمه مسلح مدني ببلطجة , ويرمي علية النار في وضح النهار , بتصوير كيمراء احد المحلات التجارية , مشهد مهين للدولة بشخصيتها الاعتبارية رجل الأمن وهو أثناء تأدية مهامه الأمنية لضبط حركة مرور المركبات والمارة .



عدن اليوم مسرحا للجريمة اليومية , والعنف المسلح , وانتشار حمل السلاح , السلاح في متناول المريض النفسي والمعتوه والبلطجي وأصحاب السوابق والأطفال , في بادرة لم تشهدها عدن في تاريخها , حمل السلاح متاح لا قيود ولا محاسبة ولا متابعة , إهمال وتغاضي واللامبالاة من المعنيين .



لم تكن تلك الحادثة هي الأولى , ذاكرتنا ليست مثقوبة ونتذكر حادثة إهانة رجل المرور في منطقة جولدمور , ويعرف الناس من هم الجناة , ومرت القضية مرور الكرام لا عقاب ولا حساب , اكتفى المعنيون بالاعتذار إرضاء للمعتدين وعلى المعتدى علية تقبل هذا الاعتذار وإلا ....



وبين الحادثتين كم هائل من الجرائم , تحتاج لمجلدات لسردها في حكايات ليالي حزن عدن , اغتصاب , ونهب وخطف للأطفال والنساء واغتيالات , سطوا على الأراضي والمتنفسات والمواقع الأثرية , معظمها تقيد ضد مجهول , في مدينة يتبجح فيها مدير الأمن في الإعلام أنة يكتشف الجريمة قبل وقوعها , وزير للداخلية جعل من الحي الذي يسكنه ثكنة عسكرية تحميه وأسرته وأبنائه , كل هذا يحدث تحت مسئوليتهم , وهم لا يبالون , بل لا يهتمون , في حكومة لا تحاسب ولا تعاقب , تعبنا ونحن ندعوها أن تضع يدها بحزم على مواطن الخلل والتجاوزات , وتتخذ إجراءات , تقيل الفاشلين وتستبدلهم بالقادرين والمهنيين , لكن دون جدوى .



هل يعلم الناس أن معظم أقسام الشرطة ومسئولي الأمن , بل حتى مديري المديريات , سطو على الوظيفة العامة وهم لا يملكون ابسط معايير المهنية لهذه الوظيفة , مؤهلاتهم مقاومة وأحيانا اللقب والمنطقة يلعب دور في التمكين , وقد لاحظنا حجم الإضافة غير مبرره للألقاب المناطقية للأسماء , والنتيجة واقعنا المخزي اليوم .



تكرار الحوادث يترك في نفوس الناس دلالات رديئة تتعلق بنظرتهم لمكانة الدولة , واعتقد أن البعض يتعمد إهانة الدولة , لأنه يعيش في أريحية وثراء الفوضى القائمة ,يقتات على انتهاك حقوق الناس وغياب الدولة الحامية لهذه الحقوق , بعضهم خريج سجون والإجرام جزءا من سلوكه , ويمارس هويته تحت مظلة السلطة أو المعارضة , وكريتر تنزف دما من انتهاك حقوق البسطاء فيها , وإجبارهم على ترك وبيع مساكنهم ببخس الأثمان , وتكفير وتحليل دم كل من يعارض المتعصب والمغالي بأفكاره وجشع انتهاكاته من يدعي انه قائد مقاومة , في مدينة تحررت وتبعد عن الجبهات أميال , بسبب هذه العقلية لم تتمكن الدولة من مهامها , وصارت اضعف من أن تحاسب وتعاقب مثل هولا , وهناك من يحميهم .



الناس لا يرضيها غير إجراءات صارمة تشمل إقالة مدير الأمن و وزير الداخلية , وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وتغيير مدراء أقسام الشرطة , وقادة الكيانات المهددة للسلم الاجتماعي والأحزمة الأمنية المسئولة على حماية عدن , ودمج الكل في كيان دولة تضبط الأمن والسلم الاجتماعي في عدن, حتى تعود عدن أمنه كما عرفها الأوليين والآخرين , عدن الحب والتسامح والأمل والخير



احمد ناصر حميدان