مقالات وكتابات


الخميس - 09 أغسطس 2018 - الساعة 10:24 م

كُتب بواسطة : أ. صالح القطوي - ارشيف الكاتب


هذا الوضع الذي بات يهدد أمن المجتمع المدرسي وسلامة المعلمين في معاشاتهم وحياتهم بما انعكس سلبا على أدائهم واستقرارهم، وأن معظمهم بات معتكفا في بيته من غلاء المواصلات ومقيد الحركة في اتجاجاته بين ديونه واحتياجاته...
وعلى الرغم أنه في *عطلة صيفية* لكنه قضاها سجينا رغم أنفه، ومن أصيب من المعلمين بموقف أو عاهة فيا حسرة نزلت .. أولها مزعج وآخرها، ونقول لجهات الاختصاص:
*بالعلم والمال يبني الناس مجدهمُ*
*لم يبنَ مجدٌ على جهلٍ وإقلالِ*

المهم: العالم انتفض *بمنظماته* لكي يسرق ثرواتنا وأحلامنا ويقضي على حياتنا بأن قتل طاقاتنا ودمر قوّتنا لأجل تحويلنا إلى شعوب مستهلكة ومتناحرة، وهكذا تشتغل مصانعهم وتصدر إلينا منتجاتهم، *لتصبح ذاكرة الهاتف* الخارجية بسعر مهول وهي عبارة عن ذرات رملٍ امتلأت بها صحارينا الواسعة أعجزنا عن صناعتها يا عرب ويا عيباه، والحذاء كذلك، وحتى أبسط متطلباته الخاصة به ومظهره وحركة تنقلاته بين البيت والمدرسة لم تعد الدولة تحسب لها، وأما العيد ومواد الغذاء والمدرسية لأبنائه فحدث ولا حرج. ..
المهم - بعض المدن اليمنية انتفضت بسبب الغلاء لتؤدي رسالتها، والشارع انتفض بعد أن مس الغلاء كرامتهم بل بطونهم واحتياجاتهم من مأكل ومسكن وملبس، ومن ماء وهواء ودواء ..
*المعلا* تنتفضُ، وحتى *تجار أبين* اليوم استحوا من الغلاء فأغلقوا محلاتهم تعبيرا عن تدهور الوضع والغلا الفاحش الذي مسهم ومس أبين ومواطنيها...
*السؤال* هل ستمضي *نقابة المعلمين* ... في صمتها أو ستتدارس أمرها مع أعضائها، وستبحث الأمر معهم؛ وَتُقَلِّبُه وتضربه أخماسا في أسداس، لتخرج بالحلول الملائمة، قبل أن تفقد السيطرة وتخرج عن نطاقها المقبول.
نحن *لا نريد* الإضراب لأجل الإضراب ولا المظاهرات لأجل التظاهر يا شباب العلم والحلم والسلام. ..
أنتم كمعلمين جزء من المشكلة، ونريد الحل المناسب لها...
نحن نريد حلولا ممكنة تحل المشكلة لا أن تعقدها. ..
نحن *لا نريد* قضية معاناة المعلمين لأجل توظيفها توظيفا سياسيا أو إعلاميا لصالح زعطان أو فلتان، وإنما لأجل رفع معاناتهم...
ولا نريدها كذلك لأجل *دغدغة مشاعرهم* من قبل طرف سياسي على حساب طرف آخر ... فتضيع القضية والمشكلة، التي من أجلها يسعى المعلم طرحها لمعالجتها وإصلاح وضعه لا أن تضيع بين دهاليز المهاترات السياسية وتبادل الاتهامات بين حكومة ومعارضة، لأن (من مسك بشيخين شرخوه)، بين وعود الضمانات وأماني المقايضة. ..
والوضع اليوم يبدو كذلك، فلا نحن *سمحنا* للشرعية تبسط نفوذها ونحمّلها المسؤولية، ولا نحن *ضغطنا* على المجلس الانتقالي ليستكمل نفوذه ونمنحه القوة والسلطة، بل تركنا لهما الأمر (لفعل السحر - ببابل هاروت وماروت) عدن الأبية على كل وضع مخزٍ فيها، وفي الحقيقة لا بد من تواصل بين تلك الأطراف وتقديم تنازلات أما أن تظل في دائرة شد الحبل وكل واحد ماسك له في السكة طرف فسقوط الريال وتضخم الغلاء أحد نتائج ذلك الغباء السياسي والشعبي الذي تبنته تلك الأطراف تبعا لولاءاتها..
صحيح *نقدر خطورة الحرب القائمة* وموقف دول التحالف منها وأملها في إنهائها، ورفع المعاناة عن الشعب اليمني. ..
لكن هذا لا يعني أن ينتظر المعلم الموت بفساد الحكام، والقيادات بشراء الولاءات، والعبث بملايين الريالات بطرا - وترك الريال أسير تلاعباتهم، بينما الوضع بات هشا ومخيفا والغلاء ينهش لحوم الناس، سببه أن جعلت الحكومة الاقتصاد بيد شريحة من متنفذيها، في ظل غياب الدولة - دولة المؤسسات والقانون. ..
بالله عليكم أي دولة مؤسساتها البنكية والخدمية بيد شرائح أشبه بطبقات البرجوازية الصغيرة بين تخصصات الطب والصيدلة مثلا، ومخصصات الوزراء ونوابهم والمدراء ووكلائهم، والسفراء وقنصلياتهم، وخصخصات مؤسسات الدولة بقطاعات القطاع الخاص. ..
فإذا كانت *المشتقات النفطية* بيد العيسي مثلا والأمن والجيش باسم فلان وعلان وقطاع النقل والمواصلات شيك مفتوح ومستشفيات الدولة خاوية ومجرد اسم بينما مشافي القطاع الخاص والمستوصفات والصيدليات وأسواق الذهب والمصارف والموانئ والمطارات معلعة مواردها إلى جيوب القطاع الخاص وشلل الفساد ولصوصهم، والتجارة بمختلف أنواعها والاتصالات والنصب والاحتيالات لا غبار عليها، فأنى يتعافى الوطن:
*متى يبلغ البنيانُ يوماً تمامه*
*إذا كنتَ تبنيه وغيرك يهدمُ*

وبينما عامة الشعب يتضورون جوعا وهم القوة الفاعلة والطبقة المتوسطة فيه شريحة المعلمين حامي حمى الأوطان وباني مستقبل الأجيال فيها، لا وزن لها أو قيمة. ..
فكيف لكم أن تهمشوا المعلم من مستحقاته حتى اللحظة.؟
علينا أن نكون جادين في قراءة الوضع السياسي والواقع الاقتصادي والانطلاق وفق تلك الأطر، لا أن نقود الأمور إلى الهاوية، فنخسر ما تبقى، ولا نفقد الأمل في إصلاح الوضع المدني لأن المعلم ومعه المجتمع المدني هو صاحب ذلك الاستحقاق في الميدان، وعليه أن يقرر ما يراه مناسبا كأن يطرد عصبة الفساد محاسبتها أيّ كانت، أو يأتي بها راكعة خاضعة ليس لمطالبه فحسب وإنما تمسكا باستعادة هيبة الدولة ومؤسساتها وصلاح المجتمع فيها. ..
ولا تنسوا أن في المجتمع شللاً فاسدة تأرهبت واتسبت للمجهول إذا لم نقل لها كمعلمين: كفى تنطعا باسم سياسة أو دِين، كفى تنطعا باسم الوطنية ولغة القوة، لأجل التكسب وتفويت فرص الحل، وخلط الأوراق إلى ما لا نهاية، في وضع لا يحتمل لغط المزايدات والمناكفات السياسية في ظل عدو يتربص بنا الدوائر ...
وعلى المعلم - صانع الأمجاد- حسم أمره، لأن المعلمين هم أصحاب العلم والعقل والمنطق، وفيهم الحكماء - خلفة الأنبياء ورسل سلام (والحكمة ضالة المؤمن) فكونوا أقوياء بالعقل والقلم لأجل الحق والحق وحده. ...
ودمتم مناصرين لله والحق ومنتصرين على الباطل والفساد. ..

*كتب: أ/ صالح.ع.ح.القطوي*
-------------- ------------- ------------------