مقالات وكتابات


الثلاثاء - 07 يوليه 2020 - الساعة 08:06 م

كُتب بواسطة : محمد البجح - ارشيف الكاتب



أعلم ياوطني أن الذئاب افترست لحمك واستباح القاتلون حرمة وجهك الفتيّ فمتى يحيق بقاتليك العقاب اؤلئك الذين دججوك بالأكاذيب ووضعوا على جبينك وصمة الخنوع لكنك فاجأتهم بأبنائك الابطال وأذهلتهم بفتيان كالمعجزات أيها الوطن كم مرّت على دهورك وأنت ترتقي وتهبط ويحيق بك الطوفان وتداهمك المهالك ويتوهم قاتلوك هزيمة روحك لكنك تباغتهم بصرخة الفتى وزلزال الغضب.

رأيتهم ذات جنون يعلقون أشلاءك على المحاريب والمنابر وشرفات الحكم فجمعت الأشلاء ولحمت جراحك بدموعي ونسيج العنكبوت ثم ضيعوك في جنون السلابين وأعلنوك أضحية على محارق الشاشات وطالتك أقاويل شماتتهم وهم يلِغون في دمائك وشهدت ميراثك يتبدد بينهم تتنازعه فلول الغاربين الغازيين المهزومين وشهوات القادمين من اصقاع الشمال إلى وليمة القسمه.

ثم نأيتَ عنا وفقدناك ثانية وموهوا وجهك وأخرسوا صوتك ثم علقوا أشباها لك في الساحات وأعلنوا موتك.

في حومة الموت تخذلنا اللغات ونحن نندب الجمال وننوح على وطننا الذبيح ويفور الغيظ في عروقنا لدى اشتداد النار واحتراق الضحايا تخاصمنا أبجديات الكلام وتنمسخ المعانى في البيانات لغة بلا قلب وسلالة أخرسها الهول والتغاضي بغتة تهبّ الجموع غاضبة بلا حول سوى دمها المنذور لك تترامى وجوه الفتية بين الظمأ ونيران المعارك ولامغيث لهم سوى الله..

بغتة أراك... أهذا أنت ياوطني؟ أراك وعلى راسك تاج من جماجم إبنائك وعباءتك مضرجة باحتضارهم وفي عنقك قلادة من دماء الشهداء فأنكرك ثانية أهذا أنت يا وطني؟..

أبحث عنك في رعشة المواقيت وحشرجة الدهور وأراهم يشهرون رأسك على مداخل القاعات وأبواب المدارس وفوق المصانع المهجورة والحقول المحروقة ويدونون آسمك على جثامين الشهداء ويرسمون وجها يشبهك بين عويل الأمهات الثاكلات وأنين المحتضرين ويعلنونه بديلا لك فأين أنت ؟؟

رأيتهم يتقاذفون اسمك بين المواثيق الزائفة وأوراق البيع وعقود الصفقات ورأيت اللصوص يطؤون أحلامك بمطامعهم ويوصدون الأمل على نظرتك رأيت الجلادين ياوطني يقتلون إسمك بالمعاول والقنابل وبنادق القنص ويوزعون الموت على الطرقات ويواصلون تجميل المقابر بفتيانك المغدورين.

رأيتهم ياوطني يسملون عينيك ويدمغون الكنوز ببصمات أصابعك المقطوعة ورأيتهم يلقون بأعضائك المبتوره في ملتقى أقاليم العرب..

فكيف سأجمع أشلاءك المبعثره؟ وكيف سألملم دمك الذي تفتح أزهار شقائق في المروج ؟ ومتى سيأتى ربيع قيامتك ياوطني؟

بحثت عنك في ظلام الليل الحالك البهيم وهمس الظنون فداهمتني المارشات الجنائزيه وصرعتني ضربات الطبول وتناوبتني رصاص الغادرين وأهازيج النواح وصنوج الدراويش وهتفت باسمك: أين أنت؟ وأين كنت؟ وأين تمضي بك الأهوال ياوطني ؟؟

يهمسون لي:- أما سمعته يتعالى في مقام الصبا؟؟

أنصت ملياً فلا أسمعك ،أعدو فى هزيع الخراب مقتفي نغمتك الشجيه فلا أجدك واصرخ بصوتي:

- أين أنت يا وطنى؟؟