مقالات وكتابات


الأحد - 31 مايو 2020 - الساعة 01:46 م

كُتب بواسطة : عبدالناصر بن حماد العوذلي - ارشيف الكاتب


يقولون اليمن غني بالثروات الطبيعية وسيكون مستقبلا من أقوى بلدان العالم اقتصاديا لو أن اليمنيون يعون ذلك ويتصالحون مع بعضهم .

وانا اقول نعم وأجزم أن اليمن غني بالثروات الطبيعية وغني بالثروات البشرية وغني بالمواقع الإستراتيجية هذه معلومات لاشك فيها

لكن ومنذ أكثر من خمسين عام اليمن فقير من رجال الإدارة وفقير من عقليات القيادة وفقير من الساسة الوطنيين الذين يعملون لمصلحة الوطن

مشكلة اليمن في الشمال والجنوب أنها ومنذ الإستقلال والى يومنا هذا لم يتبوأ على مناصب قيادتها إلا العقليات العقيمة التي لم تستطع أن تدفع بالتنمية ولم تصنع أي تطور على كافة المستويات وبالتالي حركتنا أياد عابثة جاءت من خارج الحدود استغلت ضعف القيادة وعدم ولائها وانتمائها للوطن وضعف إدارتها فصنعت كانتونات تعمل وفق أجندات غير وطنية .

مشكلة اليمن انه رغم غناه الكبير من خلال ثرواته إلا أنه فقير من عقليات الإدارة الراشدة والقيادة الحكيمة ولذلك طمعت فينا دول لم يكن لها وجود قبل خمسين عام دول جاءت من خارج أسوار الحضارة دول جاءت من عمق السراب وها نحن اليوم نتيجة عقمنا السياسي اصبحنا مسرح لعمليات الصراع الإقليمي والدولي وأدوات لتنفيذ مخططات هدامة القصد منها السيطرة على منابع نفطنا وثرواتنا وهذه نتائج سوء الإدارة.
ونحن مجرد بيادق تحركها أيادي العبث القادم من خارج الحدود ..

هناك رجال صنعوا مستقبل أوطانهم وخلدوا أسمائهم كرجال احدثوا تغييرات على بلدانهم وصنعوا تهضتها وهاهو رجل ماليزيا

مهاتير محمد جاء إلى حكم ماليزبا وهي دولة فقيرة تعتمد على الزراعة فحولها بعقليته التنموية إلى دولة صناعية بلغت نسبة صادراتها من المواد التصنيعية 85% وتقدمت ماليزيا وأصبحت من دول النمور الأسيوية والى اليوم ماليزيا تحتل مكانة مرموقة بين الدول الصناعية
وذلك بفضل الله ثم بفضل عقليات القيادة الراشدة التي تصنع مستقبل الشعوب

وستغافورة مثال أخر ...

فعندما تحررت سنغافورة عام 1963 من بريطانيا جاء القائد الفذ 《لي كوان》 وهو من أصول صينية ليكون أول رئيس لوزرائها وكانت سنغافورة عبارة عن جزيرة مستنقعات لكن لي كوان كان أمام تحدي كبير إما أن يصنع مجدا وثروة لأسرته واما أن يصنع وطنا مزدهرا له ولشعبه فكان الخيار الثاني هو هدفه فصنع من سنغافورة اقوى اقتصاد عالمي وانتشلها من دائرة المستنقعات واليوم سنغافورة تعد من أقوى وأعظم البلدان الإقتصادية واسباب ذلك التطور والرقي كانت العقليات التي أمسكت بالسلطة وهي عقليات وطنية تسعى لبناء وطن للجميع ولا تسعى لبناء إمبراطوريتات أسرية على حساب الشعب

هذا ما افتقدته اليمن منذ أكثر من نصف قرن تعاقب على قيادتها شمالا وجنوبا عقليات التسلط والإستحواذ والسيطرة ولم تكن تلك العقليات تستوعب أنها حملت مسؤولية وطن و شعب ويجب عليها العمل بروح الوطن والإنتماء إليه لتصنع مجده وازدهاره لتسجل اسمائهم في صفحات التاريخ كقيادات تاريخية صنعت مجد وازدهار اوطانها ..

لكنها مع الأسف انكفأت على نفسها وأسست إمبراطورياتها الفئوية وبنت اقتصادها الأسري على حساب تطور ونماء الشعب وأوصلتنا تلك القيادات المتعاقبة المترهلة والعقيمة الى التشظي والتفكك وأضعفت وحدتنا الداخلية فجعلت منا مرتزقة للعمل خارج إطار الوطنية لمصلحة أجندات خارجية استغلت فقرنا وعوزنا فصنعت منا جماعات تعمل وفق اجندات العمالة والإرتزاق بينما تلك القيادات تنعم بخيرات الوطن المنهوبة خارج حدود الوطن

اليمن بحاجة ماسة الى إدارة حكيمة وقيادة راشدة وسينهض كالمارد ليكون من أقوى الدول لأنه مهد حضارة سامقة صنعت مجد حضارات في شتى أرجاء المعمورة

مع التأكيد هنا أن الرئيس هادي كان يحمل مشروعا تنمويا ووطنيا غير انه اصطدم بعقليات التخلف والإستحواذ والسيطرة آنفة الذكر وهي التي اعاقت مشروع هادي التنموي ولم تتح له فرصة العمل في مناخات مستقرة وتكالبت العديد من القوى الداخلية والإقليمية والدولية فأعاقت بناء الدولة الإتحادية المدنية الحديثة

اللهم ارزقنا قيادة راشدة وحكيمة تنتشلنا من هذا المستنقع الآسن بعد عمر طويل للرئيس هادي

عبدالناصر بن حماد العوذلي
31 مايو 2020