مقالات وكتابات


الإثنين - 24 فبراير 2020 - الساعة 11:35 م

كُتب بواسطة : محمد مرشد عقابي - ارشيف الكاتب



ظهر فيروس كورونا في الصين فقامت الحكومة الصينية بادهاش العالم مرة أخرى من خلال اسلوبها المهذب والناجح في ضبط سلوك مليار ونصف المليار مواطن بكل يسر من خلال الحكم الرشيد والإيمان بالعلم.

الشعب الصيني شعب صامت وهادئ ويواجه المشاكل بالحلول والأبحاث العلمية وليس بالصراخ والمقالات والبرامج الفضائية التي تملأ الدنيا صخباً وجنوناً دون فائد، تم حظر التجوال في العديد من المدن (أقل هذه المدن عدداً تصل نحو 12 مليون نسمة) وعلى الفور التزم الصينيون بالأوامر وأغلقت المطارات وتوقفت السيارات والتزم الصينيون في شققهم وبناياتهم واغلقوا النوافذ وقد أعدوا طعاماً يكفي لأسبوعين.

لم نسمع عن معارضة صينية تستغل هذا الوباء وتخرج للصراخ والنعيق والنهيق وتحرض السكان على خرق حظر التجوال، ففي غضون أيام قلائل أقام الصينيون أكبر مستشفى على بعد 9 كم من أول تجمع سكني وتم تجهيز المشفى بالمعدات والآثاث والمختبرات والأطباء وطواقم التمريض، وبدأ العلماء الصينيون فوراً لإيجاد علاج ولم ينتظروا منظمة الصحة العالمية أن ترسل لهم العلاج.

الحكومة الصينية كانت صادقة في كل كلمة ولم تتعامل مع الأمر على أنه سراً عسكرياً وبشهادة جميع المنظمات الدولية فان الصينيين شعب صادق ولا يخلط بين الكوارث والمواقف الإنسانية مثلما يفعل الآخرون، فالمدن والتجمعات السكانية تنقسم الى أحياء وكل حي من هذه الأحياء يتكون من عدة ملايين من السكان وله مسؤول مباشر، ويستطيع السكان الإتصال بمكتب الحي 24 ساعة في اليوم والحصول على أية خدمة يحتاجونها من دون واسطة ومن دون أن يضطر المواطن الصيني أن يقول أنا فلان أو قريب علان أو أنه من هذا الحزب أو ذاك او محسوب على زعطان او فلتان وفي حال وجود أي تقصير يتم تقديم مسؤول الحي للمحاكمة وقد تصل العقوبة الى الإعدام، ومن لا يجد طعاماً في منزله خلال حظر التجوال يتصل بمكتب الحي فتقوم شركة التوصيل الحكومية بإرسال الطعام المناسب للعائلة ما يكفي لمدة أسبوعين ويقوم عمال التوصيل بقرع الجرس وترك الطعام أمام الباب والمغادرة وتأخذ الأسرة طعامها مجاناً دون أن تضطر للشرح او التفسير أو أن يقسم رب المنزل مئات الإيمان الغليظة أنه لا يملك الطعام.

فالأساس هو السلوك الصادق ومن يثبت العبث والسلوك العشوائي في مثل هذه الحالات ينل عقاباً رادعاً لا يمكن أن يتخيله، وأصحاب المركبات والمسافرين لا يحاولون إختراق حظر التجول والبحث عن طرق التفافية ولا تجد في الشوارع غير المتطوعين الذين تطوعوا بأرواحهم لنجدة المجتمع أطباء تطوعوا وممرضات وباحثين وباحثات يطلبون الإذن من لجنة الحي للخروج وإنقاذ وطنهم وشعبهم، لا يوجد من يشكك بالرواية الرسمية في مثل هذه الحالات، وينصت أهل الصين بكل ثقة للتوجيهات الطبية ولن تجد صيني يهرب الى قناة فضائية مجاورة ويسرد رواية مختلفة بل عمل الإعلام الصيني بكافة وسائله المرئية والمقروءه والمسموعة كخلية نحل من أجل إنقاذ الصين والبشرية من هذا الوباء الفتاك.

سلوك الصين كدولة وحكومة وشعب ولجنة حي ومواطن ينسجم مع غاية واحدة وراقية وهي (وقف الوباء وإنقاذ الأرواح)، وحين حاولت دول مغرورة تعتقد نفسها أفضل من الصين طلب إجلاء رعاياها فوراً ومغادرة الصين لم تنظر الصين في طلب هذه الدول على انه تشويه سمعة او مضاعفة البلاء او سخرية من القدر بل استجابت فوراً وسهلت الإجراءات والمهام، وبدلاً من أن تسارع الدول العظمى لإرسال علمائها الى الصين لمساعدتها على الخروج من دائرة الأزمة والمحنة التي تعيشها قامت بإجلاء عشرات الدبلوماسيين والساسة من الصين وهي خطوة غبية تسببت بنقل الفيروس الى اراضيها وهو ما نراه حالياً في الكثير من هذه البلدان.

عموماً الصين خسرت مئات الأرواح ومئات مليارات الدولارات في هذه الكارثة ولم نسمع رئيس الصين أو المخابرات الصينية او الجيش والأمن يتحدثون عن مؤامرة أو عن تقارير سرية لإستهداف بلدهم مع ان الاحتمال وارد، بل شاهدنا كيف بادر الصينيون الى البحث عن علاج ليضربوا بذلك للعالم اجمع اروع وارقى نموذج في علم وفن إدارة الأزمات.