مقالات وكتابات


الأحد - 23 فبراير 2020 - الساعة 01:09 ص

كُتب بواسطة : ماجد الداعري - ارشيف الكاتب



بلمح البصر، فقدت،أمس الأول،تلفوني فجأة، واختفيا تماما من أمامي، أثناء شرائي بعض الاحتياجات من بقالة بمدينة إنماء بعدن،حيث وضعتهما على طاولة أمامي،ودخل لص غريب الأطوار يعمل بالمدينة ويتردد باستمرار على البقالة ،وانتشلهما بطريقة سحرية غريبة، مستغلا انشغال الجميع بالبيع والشراء ،ودون معرفته بأن كاميرا مراقبة كانت ترصده بدقة ووضوح،وهو يخفيهما تحت حزام معوزه، وقبل أن يعود لمواصلة تخزينته بكل هدوء في "مدكايته" أمام العمقي للصرافة،لمراقبة تداعيات الموقف عن قرب ويسمع لكل من يأتي للبقالة ويتفحص ملامحهم وأشكالهم ومايقولونه حول الجوالات المسروقة التي سارع لإغلاق الأول هوواي، المحمي ببصمة ابهام ووجه وكلمة سر، بمجرد ثاني اتصال عليه وقبل ان يتبعه بإغلاق الثاني" سامسونج"،موبايل، وبقي يتابع التطورات جيدا..

وصل أول شخص يسأل صاحب البقالة عن جوالات مفقودة، فاطمئن ان الشخص لايشكل خطر ان كان هو صاحب الجوالات، ليتأكد بعدها انه مجرد رسول للبحث عنها.

وعند عودتي لمطالبة صاحب البقالة بالعودة للكاميرا لمعرفة من سرقه، سمع السارق بخبر الكاميرا وتنبه لخطر وضعه وموقفه، فهو معروف لصاحب البقالة ولكل من في المنطقة وبالتالي، سيكون عليه مغادرة المدينة فورا وخسارة رزقه وانفضاح أمره،أو البحث عن أي مخرج وطريقة لاعادتهما دون ضرر او ضرار،وقبل فتح الكاميرا، فأرسل شخص يحوم بالمكان وحول البقالة بحثا عن صاحب التلفونات ومن يكون وكحماية للسارق من أي ردة فعل تجاهه في حال قرر إعادتهما لصاحبهما،فعاد لفتح الجوال الموبايل عله يستقبل اي اتصال يبحث عن الجوالات ويكون فيه مخرج لورطته.

وفعلا اتصل احد الاصدقاء على الجوال بالقرب مني وتفاجأ ان الجوال يرن بعد ان كان مغلقا، فناولني اياه وقال لي كلمه:

قلت له:من؟

قال:ياخي السارق فقد فتح التلفون

وفعلا تحدث مرتبكا ٣ من انت

قلت له صاحل التلفونات المسروقة

قال:ياخي، عيب عليك انا ماسرقت جوالك والا بغلق والله معك

قلت له:ياخي طيب وايش جاب الجوال هذا الذي تتحدث منه إلى عندك

قال ياخي اسأل نفسك فين طرحت جوالاتك

اطمأنيت قليلا واوقفت محاولات العودة إلى كاميرا البقالة وشعرت ان شخصا ما معروف او موعد إليه يحاول ممارحتي وتلقيني درس قاس تسبب في تعكير يومي وتعطيل برنامج زيارتي لأحد اصدقائي المرضى، 

فقلت له:ياخي خلاص ارجوك لاعاد تكمل علي اليوم خلاص الدرس وصل وهات حقي الجوالات ارجوك

قال: لموه قالوا لك اني سرقتهم.

قلت له ياخي طيب كيف وصلوا لعندك خربطتني ارجوك واختصر المسافة وقلي هل بترجعهم للبقالة او الصيدلية وانا مستعد اعطيك قيمتها جديدة، اذا كنت بحاجة للفلوس.

 قال: ياخي عيب عليك انا ماسرقتهم انا حصلتهم تلفوناتك وقعوا مع واحد ابن حلال مش سارق ولا ماكان يرد عليك ويقلك تلفوناتك في أمان، بس قلي فين أحصلك وكيف ارجعهم لك، قلت له:ياخي شل تاكس انجيز على حسابي وتعال للبقالة ولك مني الأمان ومكافأة كمان.

قال ياخي انا جنبك واشوفك انت اللي لابس شميز احمر وبيدك كيس علاقي دعاية

قلت له:ياخي نعم.. فينك، ولاعاد تزيد بها وتخرجني عن طوري ارجوك، وإذا مش ناوي ترجعهم خلاص اختصر وقلي وسبني اكمل اللي في راسي

قال مرتبكا :وموه اللي برأسك، انت تشا تلفوناتك او ناوي تضربني عادك؟

فقلت له بكل قهر وغضب:ياخي باختصار وللمرة الأخيرة، اعطهم لأي شخص يسلمهم للبقالة او الصيدلية ويستلم مقابلهم اي مبلغ تريده او صدقني انك مودف وان العسكر يحومون الان حولك ياغبي،لان التلفون حديث ومراقب بخدمة تتبع وتحديد مكانه، وبيجيبوك بيجيبوك ومافي حد بيشتريه منك وهو محمي ببصمة وكلمة سر.

وفجأة شعرت بيد تربت على كتفي التفت فرأيت أحدهما يطالبني بالصلاة على النبي ويطلب مني عهد بالأمان للشخص الذي معه التلفونات وأي حاجة مكافأة منك له، لانه ابن حلال ومش سارق وخايف تضربه

قلت له ياخي ولا عليك بس قلي فينه واين حقي التلفونات.

فقال شفه هذا اللي جنبي، رأيت وجهه الاسود شبه مألوف، ومشهد تخزينة القات المتناثر من فمه قد تكرر أمامي أكثر من مرة في محيط المكان، وهو يعرق ويزداد سوادا وتلخبطا.

فقلت له ياخي مشكور وجزاك الله خيرا أين تلفوناتي، فاخرج الأول من جوار بطنه وبعدها سحب الثاني الهواوي بتردد وكأنه يخرجه من بين امعائه

فقلت له:خلاص خذ هذه حلالك ومشكور على اي حال، رفض اخذ الفلوس واقسم بأن لا يأخذها، متذرعا انه وجدهما ولم بسرقهما، وأنه جاء للبقالة يسأل أكثر من مرة عن أي شخص أضاع شيء ما ولم يبلغه صاحب البقالة بأن هناك من فقد تلفوناته فيها.

رحمته من قلبه وشعرت ان هناك واقع مرير وظروف صعبة لايعلم بها الا الله، قد تكون وراء دافعه للسرقه. اخذت الفلوس ووضعتها في جيبه حتى يطمئن ولكي أتمكن من توجيه كم سؤالا إليه حول كيفية تمكنه بكل تلك السرعة والبراعة من انتشال الهاتفين، وحاولت تصوير الأمر امام كل من احتشد لمتابعة نهاية الفيلم، بأن السارق أراد فقط توجيه رسالة تحذير ومقلب لي كي اتعلم الدرس جيدا وأنه ليس سارقا، سرقهما، وبعد ساعات أعادهما، لاحساسي انه مبتدئ وخشية عابع٦من مقاطعة الكل له ورفض تشغيله بالحلال.

وفعلا ألحيت عليه وأخذته جانبا وكأنه صديق وقلت له:شكرا على المقلب والدرس القاسي، بس ارجوك قلي بأمانة:كيف سحبتهما من أمامي وأمام ولدي بشار وعمنا وغيره، ودون ان يشعر بك احد. وارجوك أصدقني القول من أين اخذتهما من البقالة ام الصيدلية ام السيارة وبدون داع للعودة للكاميرات.

فقال ياخي الصدق اخذتهما من فوق المولد داخل البقالة وحسبت ان هناك من نساهما واذا اتصل عليهما احد واعطاني مواصفاتها ساعيدهما إليه

وانت اتصلت واعدتهما اليك

فقلت له بس انت رجعت الأول مشغول اول مرة اتصلت وبعدين اغلقت الأول نهائيا

فقال:ياخي ماعرفت افتحه ولا اجاوب عليه. فاغلفته

فقلت له والثاني الموبايل اغلفته بعده مباشرة

 فقال ياخي لا ماغلقته بس التغطية.

وبالاخير همست في اذنه سرا وقلت له: خلاص ياخي، شكلك ابن حلال وجديد على المهنة والله أراد لك الستر وانا لن أكون معك إلا ممن يعفون عن الناس ولكن أحذرك وأنصحك لوجه الله، ابتعد عن هذه الطريق حتى لاتورط نفسك وتلوث سمعتك وأهلك لأنك بتودف لامحالة والهواتف اليوم لديها خاصيات تتبع ورصد تكشف مكان وجودها.

فاخرج الفلوس وأراد إعادتها لي من جديد

فقلت له:ياخي خلاص هذه حلالك مني واعتبرها مكافأة على درس طيب انجزته لي، وجعلتني فاقد الحواس ومفصول عن العالم تماما ومعطلا عن كل برنامجي اليومي وبإذن الله لن يتكرر معي هذا الاختراق.

وفجأة دخلت في حديث مع أحدهما، ولم انتبه الا وقد ضاع السارق من فجأة حولي، بعد ان اقسم لي بالله العظيم انه ليس بسارق وإنما عامل حر بشرف ويعرفه كل أصحاب المحلات التي في المنطقة، ووعدني كذلك بأن لاتتكرر معه مثل هذه السرقة طوال حياته.

َوحمدت الله كثيرا على عودة هاتفي الحلال،بفضل الله وكاميرا المراقبة وعودة ارتباطي بعالمي من جديد، ودون حاجة لتغيير كلمات السر الخاصة بموقع عملي وكل حساباتي بشبكات التواصل الإجتماعي من الفيسبوك إلى تويتر إلى التوك توك والايمو والماسنجر والواتس اب والتحرك لوقف التعامل بشرائح الهاتف حتى قطع شرائح بدل فاقد وهات لك من هذه الشغلة الطويلة.