مقالات وكتابات


الإثنين - 17 فبراير 2020 - الساعة 12:04 ص

كُتب بواسطة : انور الصوفي - ارشيف الكاتب



لم يمر المعلمون بظلم كما يمرون به اليوم، ولم تجحف بحقهم حكومة كما أجحفت في حقهم هذه الحكومة، وسابقتها، فالمعلم في وطني راتبه لايساوي راتب جندي في الجيش، أو الأمن، ضاعت سنوات السهر، والبحث، والمذاكرة، والتصحيح، ضاع كل ذلك في دهاليز حكومة الدكتورين بن دغر، وخلفه عبدالملك، فلقد كان معين مجحفاً في حقوق المعلمين، ولم يكن بن دغر أفضل حالاً من خلفه.

ضاعت حقوق المعلمين من علاوات سنوية، وتسويات، وهيكلة الراتب التي أقرتها حكومة كانت في عهد طيب الذكر الزعيم الصالح، الزعيم الصالح الذي كان يعتني بالمعلمين أيما اعتناء، فلقد كان المعلم في عهده، وسنوات حكمه هو المدلل، والمنعم، وأخذ حقوقه كأفضل موظف في هيكل الأجور، ذهبت تلك السنون، وجاءت حكومات لا تأبه بالمعلم، لهذا سارت منكسة الرأس، لأنها ترى مربي الأجيال يهان في عهدها، ولم تنصفه.

بعد هذه المقدمة تعالوا لنرفع الإبهام، ونخلع القبعة لأولئك المعلمين الذين يعلمون تلاميذهم كيف ينتزعون حقوقهم، أيها المعلمون المضربون: إنكم تؤدون رسالة لا تقل أهمية عن تعليم تلاميذكم حروف لغات العالم، ورموز الرياضيات، ورسومات العلوم، وخرائط العالم، فأنتم اليوم تعلمونهم أبجديات في كيفية انتزاع الحقوق، وبالطرق السلمية، تعلمونهم خرائط، وطرق، يسلكونها في المستقبل، لئلا يتطفل عليهم أحدٌ قادته الأقدار ليكون وزيراً عليهم، ليسومهم أصناف العذاب، والبهذلة.

استمروا فلن يضيع هذا الجيل، لأنكم تعلمونه أسمى دروس الكبرياء في كيفية انتزاع الحقوق.

هذه نصيحة أوجهها للمعلمين الذين تخلوا عن زملائهم، أقول لهم فيها: لا تكونوا كالثور الذي باع صاحبيه، لينجو بنفسه، فكان في تخليه عنهم هلاكه، وهلاكهم جميعاً، فاصطفوا جميعاً، فإننا نحن أولياء أمور التلاميذ، معجبون بثباتكم، وبدروسكم البليغة التي تقدمونها لنا، ولأبنائنا، فلن يضيع حق وراءه مطالب، وبالنسبة لما فات من منهج، سيعوض بدون شك، وسيتغلب المعلمون على تنكب الحكومة، ورأيي أن يتم التصعيد، وذلك من خلال المطالبة بحقوقكم كاملة غير منقوصة، وتنظيم وقفات احتجاجية أسبوعية، وصدقوني ستأتي حقوقكم، لأن حقوقكم لو وضعت في كفة، وما يتعالج به المسؤولون، ويمضغون به القات، ويصرفونه على جهالهم، في كفة أخرى، لتطايرت حقوقكم في السماء، فحقوقكم بالنسبة لما يهدرونه مجرد ملاليم في عالم النقد.

أخيراً: أقول لكم توحدوا، واثبتوا، ولا تستمعوا للمثبطين، وستأتيكم حقوقكم كفلق الصبح كاملة مكتملة غير منقوصة، ولكن شريطة وحدتكم، وثباتكم، ولكم وحدكم يرفع الإبهام، وتخلع القبعة، ولكم قبلة فوق رؤوسكم من كل محب للتعليم، وسلامتكم.