مقالات وكتابات


الثلاثاء - 14 يناير 2020 - الساعة 02:58 ص

كُتب بواسطة : يسلم البابكري - ارشيف الكاتب


لايمكن ليوم ١٣ يناير ١٩٨٦م أن ينتزع من الذاكرة
في ليلة باردة من شتاء يناير وأثناء أداء الوالد لصلاة العشاء طرق باب البيت طارق فخرج اليه الوالد وانا بصحبته أخبر الطارق الوالد بإن انقلابا حدث في عدن وأنهم يريدون ترتيب حراسات على المصالح العامة عاد الوالد للبيت واصطحب معه سلاحه القديم وانطلق مع الرسول وانقطعت الأخبار لنكتشف أنهم قد أخذوا أغلب الرجال وتم الزج بهم الى عدن في صراع الرفاق الذي لاناقة لهم فيه ولاجمل..
صباح الثلاثاء اليوم التالي للانقلاب دخل المدرس الفصل كنت حينها في الصف السادس فسألنا سؤال غريب : ماذا تعرفون عن الإنقلاب ثم شرع في شرح هذا المصطلح الذي نسمعه للمرة الأولى زاد هذا الدرس من تعقيد الأمور في ذهني إذ يبدو الأمر أخطر مما توقع ذهني الصغير..
توقفت عن اللعب وتسمرت لأيام الى جوار الراديو إذاعة عدن تبث أغاني وطنية لأيوب طارش وبلهفة على مدار الساعة ننصت بقلق أمام دقات ( بيج بن) إذاعة البي بي سي من لندن نستمع لمحمد الأزرق وعلي أسعد باصواتهم الجهورية يسوقون لنا الأخبار السيئة..
كان سؤالي لكل من لقيته من كبار السن " هل هناك أخبار عن الوالد" ليأتي الجواب المحبط لا أخبار غير انه زج بهم الى الحرب في عدن..
مساء ليلة بعد قرابة العشرة أيام عاد الوالد ليحكي لنا قصة رحلة العذاب تلك كنا محظوظين بعودته فهناك آباء لم يعودوا..
استوعبت عقولنا الصغيرة حجم المأساة، عاد البث التلفزيوني بعد انتهاء الحرب ليقوم بتغطية يومية ( فشلت المؤامرة وانتصر الحزب) برنامج يبث الجثث المتحللة والدمار والدماء لم نعد نشاهد مسلسلات الكرتون بل بقينا لفترة طويلة نتابع جلسات المحاكمة التي حاكم فيها المنتصر المغلوب في الحرب..
من عايش أحداث يناير لايمكنه إطلاقا نسيان كل تفاصيلها المرعبة وأحداثها الأليمة ، لم تأت تلك الأحداث فجأة بل هي القطرة التي فاضت بكأس الأحقاد، هل اعتبرنا من تلك الأحداث المؤكد أن الجواب (لا) كبيرة..
#يسلم_البابكري